دمشق ... وهل توصف دمشق بعيون الشيخ على الطنطاوي رحمه الله
دمشق ... وهل توصف دمشق ... هل تصور الجنة لمن لم يرها ... كيف أصفها وهي دنيا من أحلام الحب وأمجاد البطولة وروائع الخلود .. من يكتب عنها وهي من جنات الخلد الباقية ... بقلم من اقلام الأرض فان ...
دمشق التي يحضنها الجبل الأشم الرابض بين الصخر والجبل المترفع عن الأرض ترفع البطولة العبقرية . الخاضع أمام السماء خضوع الإيمان الصادق .
دمشق التى تعانقها الغوطة الأم الرؤوم الساهرة أبدا . تصغي إلى مناجاة السواقي الهائمة في مرابع الفتنة وقهقهة الجداول المنتشية من رحيق بردى ... الراكضة دائما نحو مطلع الشمس ...
دمشق التي تحرسها الربوة ذات الشاذراوان وهي خاشعة في محرابها الصخري تسبح الله وتحمده على أن أعطاها نصف الجمال حين قسم في بقاع الأرض كلها النصف الثاني ....
دمشق أقدم مدن الأرض قدما وأكبرها سنا وأرسخها في الحضارة قدما كانت عامرة قبل أن تولد بغداد والقاهرة وباريس ولندن وقبل أن تنشأ الأهرام وينحت من الصخر وجه أب الهول وبقيت عامرة بعدما مات أترابها واندثرت منهن الآثار وفيها تراكم تراث الأعصار ....
وإلى أهلها اليوم انتقلت مزايا كل من سكنها من سالف الدهر ففي نفوسهم من السجايا مثل ما في أرضها من آثار التمدن وبقايا الماضي طبقات بعضها فوق بعض فالحضارة تجري في عروقهم مع الدماء وهم ورثتها وحاملوا رايتها وهي فيهم طبع وسجية ولقد تكون في غيرهم طبعا وتكلفا فأي مدينة جمع الله لها من جمال الفتوة وجلال الشيخوخة كالذي جمع لدمشق ...
واصعد جبل دمشق حتى تبلغ قبة النصر التي بناها برقوق سنة 877 للهجرة ذكرى انتصاره على سوار بك (( هدمها المستعمرون في الحرب الثانية وكانت رمز دمشق أما القبة الثانية فقد بناها الأمير سيار الشجاعي وسميت باسمه )) ثم انظر وخبرني هل تعرف مدينة يجتمع منها في منظر واحد مثل ما يجتمع من دمشق للواقف عند قبة النصر ؟ انظر ترى البلد كله ما يغيب عنك منه شيء هاهنا قلب المدينة وفيه الجامع الذي لا يقوم على ظهر الأرض جامع مثله وهه هي مناراتها التي تعد مئة وسبعين منارة ، منها عشرون من أعظم منارات العالم الإسلامي قد افتن بناتها في هندستها ونقشها فاختلفت منها الأشكال واتفقت في العظمة والجلال ... لا كمآذن بغداد التي لا يختلف شيء منها عن شيء فإذا ابصرت منها واحدة فكأنك أبصرتها جميعا يحف بذلك كله الغوطة الواسعة لبتي تبدو للناظر كأنها بحر من الخضرة قد نثرت فيه القرى التي تنيف عن العشرين عدا ... أكبرها (دوما) ذات الكروم ( وداريا)التي تفاخر بعنبها كل عنب في الأرض ( وحرستا) بلد الزيتون ومنبت الإمام محمد صاحب أبي حنيفة ( ومسرابا ) وهي حديقة ورد ( وكفر سوسية ) وكفر بطنا والأشرفية وصحنايا والمآذن وهي ماثلة خلال الأشجار ووراء الغوطة سهول المزة عن اليمين وسهل القابون عن الشمال وبطاح من الأمام وسهول تمتد إلى الأفق حيث تغيب الجبال البعيدة في ضباب الصباح ووهج الظهيرة زصفرة الطفل وسواد الليل ....
إنك تشمل هذا كله بنظرة منك واحدة وأنت قائم مكانك ... لفأين يا صديقي ترى مثل هذا ..؟
وبــــردى .... لما قدم شاعر العرب ومر على بردى وهو يمشي بين قصر أمية ودار البلدية مشية العاجز الهرم ، قال له صاحبه مستقلا بردى مستخفا به : أهذا الذي ملأت الدنيا مدحا له ؟ إنه ترعة من ترع النيل ؟ يظن صاحب شوقي أن النهر بكثرة مائه وبعد ضفتيه .. ما درى أن بردى هو الذي يجري في الوادي زاخرا متوثبا نشيطا .. لا الذي يجري في المرجة متهافتا كليلا . . . وانه هو الذي اطعم دمشق الخبز وهو الذي زرع بساتين الغوطة وهو الذي أنار دمشق بالكهرباء وسير فيها وفي غوطتيها (الترام )وإذا قال النيل لبردى أنت ساقية من سواقي قال قاسيون للمقطم أنت هضبة من هضابي . وانه هو الذي لا تضيع قطرة منه واحدة على حين يمر النيل على القاهرة مر الكرام ، يقرأ عليها السلام ، ثم يحمل خيره كله ليلقيه في البحر لا يمنح القاهرة منه إلا ما تأخذه بالمضخات والنواعير التي لا تسيل إلا بمال ... فمن رأى مثل بردى في بره بأرضه وكثرة خيراته نهرا ؟ من ذتق أطيب من مائه ؟ من أبصر اجمل من واديه ؟
لقد علم بردى ابناءه الولع بالخضرة والظلال وحبب إليهم أفانين الجمال فصارت النزهة (السيران ) من مقومات الحياة في دمشق لا تحيا اسرة إلا بها ولا تستغني عنها فهي لهم كالغذاء . فهل يستغنى عن الغذاء ؟ لا يمكن أن يجيء يوم صائف من أيام الشتاء فتبقى دمشقية أو يبقى دمشقي في بيته لا يؤم ( المهاجرين ) حيث يجتمع على الشعاف والصخور وفي ظلال الآس الرجال والنساء على طهر وعفاف تدور أكواب الشاي الأخضر وتنطلق بالغناء الساحر أوتار الحناجر وتجري خيول السبق في ساحة الجريــــد ، ثم إذا جاء وقت الصلاة قاموا إليها فلا ترى غلا جماعات وأئمة (كتب هذا الكلام سنة 1934م) ثم ينفض اجتماعهم عن طرب وفروسية وعبادة ... وتلك هي المثل الأعلى لأهل الشام ....
وهي تمر امسية من أمسيات الصيف على دمشقي قاعد في دكانه أو قابع في بيته ؟ تعال انظر جماعنهم في قهوات شارع ( بغداد ) وفي كل قهوة مؤذنها (إي والله وإمامها ) وعلى ضفاف بردى عند صدر الباز وفي الميزان أجمل موضع في دمشق وأمامهم سماورات الشاي الصفر الرشيقة وفي ل حلقة مغنيها وليس مثل الشاميين في الولوع بالغناء فلا ينفرد الرجل بنفسه إلا غنى لها ، فالفلاح وهو نازل من قريته مع الفجر يغني والحوذي وهو يسوق عربته إلى ( جسر تورا ) أو إلى كيوان وأجير الخباز وهو يحمل المعجن عاى رأسه يغني ونداء الباعة كله غناء وشعر ..
قف ساعة على ظهر الطريق واسمع ما ينادي به الباعة ترى عجبا لا شبيه له في البلاد قصائد من الشعر غير انها مرسلة القوافي ... وطرائف الغناء غير أنها محلولة القيود تمشي إلى القلوب طليقة حرة لا تسمي شيئا باسمه وإنما هي مجازات وكنايات عجب منها بعض من كتب عن دمشق من سياح الإفرنج فتسائل في كتاب عمن نظم للباعة هذه الأشعار الرقاق ...
وتعال استمع هذا البائع وهو يتغنى بصوت يقطر عذوبة وحنانا (( غزل البنات ياما غزلوك في الليالي .. يا غزل البنات ))ويضغط على الليالي ويمد البنات ... هل يستطيع القارئ ان يحزر ماذا يبيع المنادي ... لا لن أقول فتعالوا إلى دمشق لتأكلوا غزل البنات ..... وهذا بائع ينادي بكلمة واحدة لا يزيد عليها (( الله كريم )) هلى يقع في حسابك انه يبيع الخس ... وأن (( يا مهون ياكريم ) نداء بائع الكعك عند الصباح ...
أولا يطربك ويثير سواكن اشجانك بائع العنب حين تدنو أواخره فينادي بصوت حزين (( هدوا خيامك .. وراحت أيامك .. ما بقي بالكرم غير الحطب يا عنب ... ودّع والوداع لسنةيا عنب ..)) ألا تحس أنه يودع حبيبا له وبائع العسل ((أي الشمندر )) وقد أوقد ناره في الصباح الباردووضع حلته وصف رؤوس الشمندر الأحمر ونادى في أيام الشتاء (( بردان ! تعال صوبي .. بردان ... انا بياع العسل )) إلا يحبب إليك أكل العسل ...واسمع العجب في نداء بائع الملفوف ( اليخنا ) : (( يخنا واطبخ ، والجارية بتنفخ ، والعبد ع الباب .. بقلع الكلاب ) وبائع الحمص المسلوق ( بليلة بلبوك وسبع جوار خدموك ... يا بليلة )وبائع الزعرور ( أبيض أحمر يا زعبوب .. تمر محني يا زعبوب ... البزر بن يا زعبوب ) واستمع إلى الشعر والخيال في نداء بائع الجرادق ( ياما رماك الهوى وقلبي انكوى يا ناعم ) وبائع التين ( دابل وعلى دبالك ياعيون الحبيب ومن دباله يمشي لحاله .) وبائع البذنجان ( اسود ومن سواده هرب الناطور ) الا تعجبك صورة الناطور وقد هرب من سواد الباذنجامن ..
وهذا كله من ولع الشاميين بالغناء وإقبالهم عليه حتى انعقد اجماع فقهاء الذوق فيهم على أنه لا يصح اجتماع أو سمر إلا بالغناء .. وغذا سها عنه ساه فكفارته إطعام عشرة أصدقاء صدر كنافة شامية أو صدر ( كل واشكر ) أو غير ذلك من الحلويات التي لا يخالف أحد ان دمشق أبرع مدينة في صنعها ...
بقلم الأديب الكبير علي الطنطاوي
دمشق ... وهل توصف دمشق ... هل تصور الجنة لمن لم يرها ... كيف أصفها وهي دنيا من أحلام الحب وأمجاد البطولة وروائع الخلود .. من يكتب عنها وهي من جنات الخلد الباقية ... بقلم من اقلام الأرض فان ...
دمشق التي يحضنها الجبل الأشم الرابض بين الصخر والجبل المترفع عن الأرض ترفع البطولة العبقرية . الخاضع أمام السماء خضوع الإيمان الصادق .
دمشق التى تعانقها الغوطة الأم الرؤوم الساهرة أبدا . تصغي إلى مناجاة السواقي الهائمة في مرابع الفتنة وقهقهة الجداول المنتشية من رحيق بردى ... الراكضة دائما نحو مطلع الشمس ...
دمشق التي تحرسها الربوة ذات الشاذراوان وهي خاشعة في محرابها الصخري تسبح الله وتحمده على أن أعطاها نصف الجمال حين قسم في بقاع الأرض كلها النصف الثاني ....
دمشق أقدم مدن الأرض قدما وأكبرها سنا وأرسخها في الحضارة قدما كانت عامرة قبل أن تولد بغداد والقاهرة وباريس ولندن وقبل أن تنشأ الأهرام وينحت من الصخر وجه أب الهول وبقيت عامرة بعدما مات أترابها واندثرت منهن الآثار وفيها تراكم تراث الأعصار ....
وإلى أهلها اليوم انتقلت مزايا كل من سكنها من سالف الدهر ففي نفوسهم من السجايا مثل ما في أرضها من آثار التمدن وبقايا الماضي طبقات بعضها فوق بعض فالحضارة تجري في عروقهم مع الدماء وهم ورثتها وحاملوا رايتها وهي فيهم طبع وسجية ولقد تكون في غيرهم طبعا وتكلفا فأي مدينة جمع الله لها من جمال الفتوة وجلال الشيخوخة كالذي جمع لدمشق ...
واصعد جبل دمشق حتى تبلغ قبة النصر التي بناها برقوق سنة 877 للهجرة ذكرى انتصاره على سوار بك (( هدمها المستعمرون في الحرب الثانية وكانت رمز دمشق أما القبة الثانية فقد بناها الأمير سيار الشجاعي وسميت باسمه )) ثم انظر وخبرني هل تعرف مدينة يجتمع منها في منظر واحد مثل ما يجتمع من دمشق للواقف عند قبة النصر ؟ انظر ترى البلد كله ما يغيب عنك منه شيء هاهنا قلب المدينة وفيه الجامع الذي لا يقوم على ظهر الأرض جامع مثله وهه هي مناراتها التي تعد مئة وسبعين منارة ، منها عشرون من أعظم منارات العالم الإسلامي قد افتن بناتها في هندستها ونقشها فاختلفت منها الأشكال واتفقت في العظمة والجلال ... لا كمآذن بغداد التي لا يختلف شيء منها عن شيء فإذا ابصرت منها واحدة فكأنك أبصرتها جميعا يحف بذلك كله الغوطة الواسعة لبتي تبدو للناظر كأنها بحر من الخضرة قد نثرت فيه القرى التي تنيف عن العشرين عدا ... أكبرها (دوما) ذات الكروم ( وداريا)التي تفاخر بعنبها كل عنب في الأرض ( وحرستا) بلد الزيتون ومنبت الإمام محمد صاحب أبي حنيفة ( ومسرابا ) وهي حديقة ورد ( وكفر سوسية ) وكفر بطنا والأشرفية وصحنايا والمآذن وهي ماثلة خلال الأشجار ووراء الغوطة سهول المزة عن اليمين وسهل القابون عن الشمال وبطاح من الأمام وسهول تمتد إلى الأفق حيث تغيب الجبال البعيدة في ضباب الصباح ووهج الظهيرة زصفرة الطفل وسواد الليل ....
إنك تشمل هذا كله بنظرة منك واحدة وأنت قائم مكانك ... لفأين يا صديقي ترى مثل هذا ..؟
وبــــردى .... لما قدم شاعر العرب ومر على بردى وهو يمشي بين قصر أمية ودار البلدية مشية العاجز الهرم ، قال له صاحبه مستقلا بردى مستخفا به : أهذا الذي ملأت الدنيا مدحا له ؟ إنه ترعة من ترع النيل ؟ يظن صاحب شوقي أن النهر بكثرة مائه وبعد ضفتيه .. ما درى أن بردى هو الذي يجري في الوادي زاخرا متوثبا نشيطا .. لا الذي يجري في المرجة متهافتا كليلا . . . وانه هو الذي اطعم دمشق الخبز وهو الذي زرع بساتين الغوطة وهو الذي أنار دمشق بالكهرباء وسير فيها وفي غوطتيها (الترام )وإذا قال النيل لبردى أنت ساقية من سواقي قال قاسيون للمقطم أنت هضبة من هضابي . وانه هو الذي لا تضيع قطرة منه واحدة على حين يمر النيل على القاهرة مر الكرام ، يقرأ عليها السلام ، ثم يحمل خيره كله ليلقيه في البحر لا يمنح القاهرة منه إلا ما تأخذه بالمضخات والنواعير التي لا تسيل إلا بمال ... فمن رأى مثل بردى في بره بأرضه وكثرة خيراته نهرا ؟ من ذتق أطيب من مائه ؟ من أبصر اجمل من واديه ؟
لقد علم بردى ابناءه الولع بالخضرة والظلال وحبب إليهم أفانين الجمال فصارت النزهة (السيران ) من مقومات الحياة في دمشق لا تحيا اسرة إلا بها ولا تستغني عنها فهي لهم كالغذاء . فهل يستغنى عن الغذاء ؟ لا يمكن أن يجيء يوم صائف من أيام الشتاء فتبقى دمشقية أو يبقى دمشقي في بيته لا يؤم ( المهاجرين ) حيث يجتمع على الشعاف والصخور وفي ظلال الآس الرجال والنساء على طهر وعفاف تدور أكواب الشاي الأخضر وتنطلق بالغناء الساحر أوتار الحناجر وتجري خيول السبق في ساحة الجريــــد ، ثم إذا جاء وقت الصلاة قاموا إليها فلا ترى غلا جماعات وأئمة (كتب هذا الكلام سنة 1934م) ثم ينفض اجتماعهم عن طرب وفروسية وعبادة ... وتلك هي المثل الأعلى لأهل الشام ....
وهي تمر امسية من أمسيات الصيف على دمشقي قاعد في دكانه أو قابع في بيته ؟ تعال انظر جماعنهم في قهوات شارع ( بغداد ) وفي كل قهوة مؤذنها (إي والله وإمامها ) وعلى ضفاف بردى عند صدر الباز وفي الميزان أجمل موضع في دمشق وأمامهم سماورات الشاي الصفر الرشيقة وفي ل حلقة مغنيها وليس مثل الشاميين في الولوع بالغناء فلا ينفرد الرجل بنفسه إلا غنى لها ، فالفلاح وهو نازل من قريته مع الفجر يغني والحوذي وهو يسوق عربته إلى ( جسر تورا ) أو إلى كيوان وأجير الخباز وهو يحمل المعجن عاى رأسه يغني ونداء الباعة كله غناء وشعر ..
قف ساعة على ظهر الطريق واسمع ما ينادي به الباعة ترى عجبا لا شبيه له في البلاد قصائد من الشعر غير انها مرسلة القوافي ... وطرائف الغناء غير أنها محلولة القيود تمشي إلى القلوب طليقة حرة لا تسمي شيئا باسمه وإنما هي مجازات وكنايات عجب منها بعض من كتب عن دمشق من سياح الإفرنج فتسائل في كتاب عمن نظم للباعة هذه الأشعار الرقاق ...
وتعال استمع هذا البائع وهو يتغنى بصوت يقطر عذوبة وحنانا (( غزل البنات ياما غزلوك في الليالي .. يا غزل البنات ))ويضغط على الليالي ويمد البنات ... هل يستطيع القارئ ان يحزر ماذا يبيع المنادي ... لا لن أقول فتعالوا إلى دمشق لتأكلوا غزل البنات ..... وهذا بائع ينادي بكلمة واحدة لا يزيد عليها (( الله كريم )) هلى يقع في حسابك انه يبيع الخس ... وأن (( يا مهون ياكريم ) نداء بائع الكعك عند الصباح ...
أولا يطربك ويثير سواكن اشجانك بائع العنب حين تدنو أواخره فينادي بصوت حزين (( هدوا خيامك .. وراحت أيامك .. ما بقي بالكرم غير الحطب يا عنب ... ودّع والوداع لسنةيا عنب ..)) ألا تحس أنه يودع حبيبا له وبائع العسل ((أي الشمندر )) وقد أوقد ناره في الصباح الباردووضع حلته وصف رؤوس الشمندر الأحمر ونادى في أيام الشتاء (( بردان ! تعال صوبي .. بردان ... انا بياع العسل )) إلا يحبب إليك أكل العسل ...واسمع العجب في نداء بائع الملفوف ( اليخنا ) : (( يخنا واطبخ ، والجارية بتنفخ ، والعبد ع الباب .. بقلع الكلاب ) وبائع الحمص المسلوق ( بليلة بلبوك وسبع جوار خدموك ... يا بليلة )وبائع الزعرور ( أبيض أحمر يا زعبوب .. تمر محني يا زعبوب ... البزر بن يا زعبوب ) واستمع إلى الشعر والخيال في نداء بائع الجرادق ( ياما رماك الهوى وقلبي انكوى يا ناعم ) وبائع التين ( دابل وعلى دبالك ياعيون الحبيب ومن دباله يمشي لحاله .) وبائع البذنجان ( اسود ومن سواده هرب الناطور ) الا تعجبك صورة الناطور وقد هرب من سواد الباذنجامن ..
وهذا كله من ولع الشاميين بالغناء وإقبالهم عليه حتى انعقد اجماع فقهاء الذوق فيهم على أنه لا يصح اجتماع أو سمر إلا بالغناء .. وغذا سها عنه ساه فكفارته إطعام عشرة أصدقاء صدر كنافة شامية أو صدر ( كل واشكر ) أو غير ذلك من الحلويات التي لا يخالف أحد ان دمشق أبرع مدينة في صنعها ...
بقلم الأديب الكبير علي الطنطاوي
مارس 3rd 2015, 7:57 am من طرف شفاء الروح
» والله لخلي عزتك تحت ماطاي
مارس 3rd 2015, 7:49 am من طرف شفاء الروح
» عادي معاك أبقى
مارس 3rd 2015, 7:48 am من طرف شفاء الروح
» .....
مارس 3rd 2015, 7:47 am من طرف شفاء الروح
» الذِي أَوجَدَ فَينَا الصَبر
مارس 3rd 2015, 7:46 am من طرف شفاء الروح
» عندما لا اجد
مارس 3rd 2015, 7:45 am من طرف شفاء الروح
» حب قد مات
مارس 3rd 2015, 7:45 am من طرف شفاء الروح
» عيناك مدرستي
مارس 3rd 2015, 7:44 am من طرف شفاء الروح
» أكثر ما يوجعني
مارس 3rd 2015, 7:42 am من طرف شفاء الروح
» تذكر...
مارس 3rd 2015, 7:42 am من طرف شفاء الروح